زائر زائر
| موضوع: أروع ماقيل في العصر الجاهلي الخميس يوليو 19, 2012 9:50 pm | |
| أروع ما قيل في الحب و الغزل
العصر الجاهلي
عنترة بن شداد العبسي
كان الشعر الغزلي في العصر الجاهلي هو الماء و الهواء للشاعر مهما كان مركزه في القبيلة , الشيخ , الأمير , أو الفارس كل ٌ يتشبب بمن أحب على هواه , فالشاعر الفارس عنترة بن شداد لم تمنعه خشونة الصحراء و قسوته القتالية من جماليات الغزل في الشعر حيث قال للمرأة التي دعته للزواج من إحدى ابنتيها :
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم * و لارضيت سواكم في الهوى بدلا
لكنه راغب فيمن يعذبـــــــه * وليس يقبل لا لوما ًو لا عـذلا
هذا قول من أحرقت لواعجه فرقة الحبيب عبلة التي شغلت فؤاده بالهوى و طوقته بشحنة من الثورة و الغضب و لكن ذلك ظهر في شعره رقة و لين لم تكن عند الكثيرين من الشعراء الذين عاصروه :
يا ظائر البان قد هيجت أشجاني * و زدتني طربا ً يا طائر البان
إن كنت تندب إلفا ً قد فجعت به * فقد شجاك الذي بالبين أشجاني
زدني من النوح و اسعدني على حزني* حتى ترى عجبا ً من فيض أجفاني
و طر لعلك في أرض الحجاز ترى * ركبا ً على عالج أو دون نعماني
يسري بجارية تنهل أدمعهــــا * شوقا ً إلى وطن ناء ٍ و جيران
ناشتك الله يا طير الحمـــام إذا * رأيت يوما ً حمول القوم فأنعاني
و قل طريحا ً تركناه و قد فنـيت * دموعه و هو يبكي بالدم القاني
ثم يعود شاعرنا الفارس إلى الشكوى من الجفى و طول البعد والهجران و يأسف لزمن أطال غربة الحبيب و ألهب نيران وجده و دموع عينيه :
حسناتي عند الزمان ذنوب * وفعالي مذمـــــــة و عيوب
ونصيبي من الحبيب بعاد * ولغيري الدنو منه نصيب
كل يوم يبري السقام محب * منحبيب و ما لسقامي طبيب
و هلاكي في الحب أهون عندي * من حياتي إذا جفاني الحبيب
و لقد ناح في الغصون حمام *فشجاني حنينه و النحيب
يا حمام الغصون لو كنت مثلي *عاشقا ً لم يرقك غصن رطيب
فاترك الوجد و الهوى لمحب *قلبه قد أذابـــــــــــه التعذيب
ويصف حبيبته بكل رقة و عذوبة رغم ما يتصف فيه من خشونة و قوة , و ينتقي ألفاظه التي تظهر ما بداخله من احساس صادق نحوها :
رمتِ الفؤاد مليحةٌ عذراءُ * بسهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دواءُ
مرَّت أَوانَ العيدِ بين نواهدٍ * مثل الشُموسِ لحاظهنَّ ظباءُ
فاغتالَني سقَمي الَذي في باطِني* أخفيتهُ فأَذاعَهُ الإخفاءُ
خطَرت فقلتُ قَضيبُ بان ٍ حرَّكت * أعطافهُ بعدَ الجنوبِ صَباءُ
ورنت فقلتُ غزالَة ٌ مذعورَة * قَد راعها وسطَ الفلاةِ بلاءُ
وبدت فقلتُ البدرُ ليلَةَ تِمِّهِ * قَد قلَدتهُ نجومَها الجَوزاءُ
بسمَت فلاحَ ضياءُ لؤلؤِ ثَغرِها * فيهِ لداءِ العاشقينَ شِفاءُ
سجَدت تعظِّمُ ربّها فَتمايلَت * لجلالها أَربابنا العُظَماءُ
يا عبلَ مثلُ هَواكِ أَو أَضعافهُ * عندي إِذا وقَعَ الإِياسُ رَجاءُ
إِن كانَ يُسعِدُني الزمانُ فَإِنَني * في همّتي بِصُروفِهِ إِزراءُ
و يعاتب ابنة عمه على تقصرها نحوه و يلومها على طول النوى و التجافي , و يظهر لها أفعاله في المعارك , ويزين حاله بعينيها , مبتغاة لمرضاتها :
ترى هذهِ ريحُ أَرضِ الشَرَبَّه * أمِ المِسكُ هَبَّ مع الريحِ هَبَّه
ومن دار عبلَة نارٌ بدَت * أَم البرقُ سَلَّ من الغَيمِ عَضبَه
أَعبلَة قَد زادَ شوقي وما * أَرى الدهرَ يدني إِلَيَّ الأَحِبَّه
وكم جهدِ نائبةٍ قَد لَقيتُ * لأَجلكِ يا بِنتَ عمّي ونكبَه
فلَو أَنّ عينَيكِ يومَ اللقاءِ * ترى موقفي زِدتِ لي في المَحَبَّه
يفيضُ سناني دماءَ النحورِ* ورمحي يشُكُّ مع الدَرعِ قَلبَه
وأفرحُ بالسَيفِ تحتَ الغبارِ* إذا ما ضربتُ به أَلفَ ضَربَه
وتشهدُ لي الخيلُ يومَ الطِعانِ * بأَني أفرِقها أَلفَ سُربَه
وإن كانَ جلدي يرى أَسوَداً * فلي في المكارِمِ عزٌّ وَرُتبَه
ولَو صلَتِ العُربُ يومَ الوَغى * لأَبطالِها كُنتُ للعُربِ كَعبَه
ولَو أَنَّ للموتِ شخصاً يُرى* لَرَوَّعتُهُ ولأَكثَرتُ رُعبَه
|
|