رحلة أيوب ,,, (1)
قبل أن يلملم( أيوب) أشياءه ويستقل قدميه ليغادر
أمسك بقلبه يوصيه بأن لا يتقافز امامه في الطريق اليها
وأن يتعقل ويكون قلبا مهذبا لايفر كل ثانية ليراقصها
على وقع نبضه اللا يهدأ ابدا، وأن يمنحه قليلا من الوقت
لأيفاء نذره بأن يطبع أكبر قبلة في الدنيا مابين عينيها ،
وبينما كان أيوب سارحا مع قبلته النذر .
جاءه هاتف منها يقول ..
وصلني رسولك لاهثا من دون نبض ويقرؤك السلام ..!!!!
رحلة آيوب ...(2 )
كان قاب قلبين او ادنى من ضفة النهر الذي سيصطبغ به متباركا
ليبدأ رحلته أليها،كانت أحلامه تسبقه للنهر وتقف هناك نتاطره ،
تراقبه ، وتساله : أتعمدني وتباركني؟ أم سأبقى ككل مرة أطفو
على سطح النهر ولااغطس !؟
لم يجبها او لايعرف بماذا سيجيب ! فقد غطس بعيدا عن أحلامه
كعادته وتزود عنبا ، تمرا ، جوزا ، ورحل !!
ماأغرب أن نمضي بدرب دونما أحلام تذكر !!!
رحلة آيوب ...(3)
بعد أن بلغ آيوب منتصف الدرب اليها أستوقفته خطاه
وتسمرت في الارض دون أذن منه! أستوقفته ولكن بعد
فوات الآوان فقد غادره قلبه من قبل ومن دون أذن منه أيضا ،
واحلامه الضائعات التي عجزت ان تصطبغ بنهر التوبة والبركات
وهموما سعة الارض ورأس مثقل بالوهم كلها
قفزت مرة واحدة تسأله :- أتراها تستحق ؟!!!
فجاءه جوابها كهدير زوبعة لاتبقي ولا تذر ،
يقول :- انا لاأستحق كل هذا !!!!!!!!!
رحلة آيوب...(4)لم يكن مخطئا آيوب عندما حمل قدماه على السير شمالا
حيث هالات الضياء والايام النقيات وعقود الآس المنقوع
بالدمع والحناء والماء..... قد تبع هواه.. ودلالات
الطريق اليها علمها قلبه بعلامات لايقرأها سواه..
أنه المأخوذ بالانسان ورؤاه البعيده ،
فهو في كل يوم ولادات جديده
هكذا سار آيوب يقتفي قلبا يناديه تعال
قد عبرت الان اسوار المحال ....
رحلة ايوب ...(5)وهو ماض في طريقه شمالا حيث حزم النور وهالات الضياء ،
وبرك الماء الطهور وعقود الآس ،تلفت من حوله آيوب
ليتأكد من جرته في جرابه ، مدٌ يده المرتعشة نحوها
فأتته بكسرة فخار منها !
وحبة جوز .. جحظت عيناه حتى كادت أن تقفز من محاجرها ...
تأسف كثيرا فكان لابد من جرة تأذن له في المندى
أن يلتحف آخر غيمة ويتوسد القمر .. تأمل قليلا وعاد
يفتش ثانية عن بقايا جرة وقلب تحطما على قارعة الطريق ...
رحلة ايوب...(6)كان آيوب ذاهنا وهو يواري جثمان سيدة أستودعته آخر قبلاتها
وأمنيةيتيمه،كان يذوي كقطرات الندى بصيف قائظ ، كان وحيدا
الآ من أحزانه وأحلام لاتحتويها مدارات ، كان يكز بأسنانه
على شفتيه كي لايُضيع قبلتها الاخيره ولايقرب شيأ قد يخالط
بقايا سلاف رضابها من عسل وحناء وقليل زعفران ، رفع عينيه
آيوب وما من شيء حوله فنزع عنه روحه ومضى ليكمل
رحلته الازلية بقبلة وأمنية يتيمه !!
رحلة آيوب ...(7)وهو يفتش عن أمانيه التي خبأها ونسى !!
قفزت له من العدم أميرته البابلية تستعجله الحياة،
فألقمته قبلة سحرية ونزعت جلدها وألبسته وسارا سوية
بضع خطوات لتتوقف عن السير بغتة ويتوقف معها الزمن .
سألها آيوب:ما الأمر؟ أجابت: يبدو لي اننا كلما استبقنا
الوجع فاجأنا غيره متربصا ومبشرا بنذر توٌشح الدرب
أوجاعا جديدة.! سأسبقك انا اولا وأترقب مقدمك مع الفجر،
وغابت عن ناظريه كومضة برق. تأمل آيوب جلدتها التي تركتها
عنده ورحلت ، تحسس طراوته فخشي عليه قيظا لايرحم فآثر
ان يحفظه مع أمانيه التي خبأها ونسى !!!!!
رحلة آيوب ...(8)كان الشوق ولهفة اللقاء بها أشبه مايكونا
بعصفورين بريين يتسابقان فيما بينهما صوب بركة ماء
خلفتها امطار تشرين . لم يحفل آيوب بجراحاته
وما علق به من أذى طوال رحلة الموت هذه ! فما زال
معبأ بجلدتها وقبلة سيدة فانية وأمنية يتيمة ،
يسير بلا روح ولا هدى فروحه تركها خلفه تحرس
من كانت تحرسه بالأمس ...
سار آيوب وصوت لهاثه يبدد السكون من حوله ،
يحلم ، يرجو، يتأمل، كان مثقل بها وهي مثقلة بغيره !
يشتاقها وتشتاق غيره !!كان يعاند الدنيا واهما
معصوب القلب بعينين لاتريا سواها !فهو اكبر الخائبين
على الأرض وأشفهم وجدا وأشدهم عندا فهو يعلم جيدا
انها ماكانت لتكون له يوما ولن يحظى بها ابدا !!!!!!!!!!
رحلة آيوب ...(9)تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
لم تستوقف آيوب عقارب الساعة او تستهويه دورتها يوما ،
ولم ليكن مراقبا لفتها وسباقها الأزلي ، ولكنه ومن دون
شعور بدأ أعتيادها أن لم يكن أدمنها حتى تناغمت دقاتها
مع خافقا قلما يسعفه حراكه ومايندى عنه من وجد فهو
المفتون أبدا بأميرة عوٌدته الصد والنجوى طوال الوقت ،
فالضباب يملأ المكان حتى تلاشى اول الدرب اليها ، يقينا
انه سينتظر أنقشاعه عما قريب ليبدأ مشوراره مجددا
ولامناص من مراقبة عقارب الساعة ثانية وهي تلف وتدور
كنواعير لكنها من دون حياة ..
رحلة آيوب ...(10) هاهي اليوم تطل من حنايا الروح ترفل بالحياة ،
توقظ الأزهار تمنحها عطورا وبخورا منتقاة ،تمسك
العيدان تزهر ! وتغني من جميل الأغنيات (لاعليك‘ ..
هاك أحلى مابروحي ولتطوحني يدك‘) فاق آيوب يفتش ،
يتقصى ، كان حلما ! ونزيفا من بقايا الأمنيات !
أمسك الدرب ليمضي ويغني ماتناهى من قصيد ساحر
يدعوه للرقص ويبدأ بالحياة ..
رحلة آيوب ...(11)لم يبق من هذا الطريق سوى مقدار جرح كي يفوز بقبلة
وأمنية يتيمه ، هكذا آيوب يمضي مثل عصفور يرفرف ،
قبلة للأن حرى من شفاه قرمزيات وقلب قد توقف !
وعيون غادرت لكن للأن تراها في عيوني وهي تعرف !
وثناياها وعصبة رأسها ، أشواق تنزف ! لم يبق من هذا
الطريق سوى مقدار عمر مثخن وجعا وآلاف الجراح ،
كلما نسكت جراحا فزُ في أعمارنا جرحا وناح ! رغم
هذا سار آيوب لينثر بين عينيها الصباح ..
رحلة آيوب ..(12)
بعد طول صبر وشقاء قاربت رحلة ايوب على نهايتها
فقد وصل أخيرا عند النبع الذي غادره اول مرة يوم
أستقل قدميه ولملم اشياءه ومضى ! لم يكن رحالا ماهرا
فقد كان يتبع حلمه حسب ولم يعرف بأنه كان يلهث وراء
وهما لاأكثر ! عاد من حيث اول خطوة مجنونة قذفت به صوب
الضياع ،عاد بجرة فخار وعقود الآس وحبة جوز وفردة تمر
وشبح رجل مثقل بمليون آه ! نظر آيوب للنيع
الساكن وصورته التي تكسرت على مرآة سطحه
متسائلا :ـ أين ايوب تاه ؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
رحلة آيوب ..(13)
جلس آيوب يستذكر ما مر به من ألم وآذى طوال رحلة
الوهم تلك ، كيف كانت أشواقه ثائرات وأحلامه محلقات ،
كيف كان ينتعل عقله بقدميه ! ويمضي خلف وهما ظنه حلما ومات،
كان يلتحف السحاب وينضوي بين جنبات القمر ، كانت الدنيا
بمناحيها لاتسعه او تسع احلامه ، فحبيبته نشيدا أينما
يمضي تغنيها على الفور الآف الطيور ، كانت الارض اذاما
دارت تدور ، صاح آيوب وناح :ـ كيف يمكن ان يكون الرب كذبه ؟!
كيف يعقل أن نموت بلا أحبه ؟!
رحلة آيوب ...(14)
لاصدى لصوت سوى صوته ، ويعض زقزقات لهزار غادره
سربه فتاه وحفيف شجر الجوز يثير في آيوب وهزاره
التائه شجنا وألف مليون حكايه ! اقترب آيوب منه
بعد أن غرف بيديه قليلا من ماء النبع ليسقيه ،
فهاله ماكان من الهزار الذي فقز ليرتقي وحنتي
آيوب ويرتشف من دمع عينيه اللاتي ماتوقف سيلهما
ولانضب ! فدمع آيوب ليس دمعا بل ’رقْية ممزوجة بما
علق من نورها وسط عينيه
فتخمُر وتعسُل دمعه ! طار الهزار وكأن دمع آيوب سقاه
طريقه من جديد ، جلس آيوب لايعرف مايصنع ، فأختار
أن ينزع عنه رأسه ليغفو قليلا عند النبع بلا وساوس
أو كوابيس أو دمع تعسُل من بعض ما فيها من ضياء .....
رحلة آيوب ...(15)
أفاق أيوب وأذا بأحلامه التي كانت تنتظره
لتصطبغ بماء النهر وتتبرك به ،تلك الاحلام التي
غادرها ومضى ، هاهي اليوم تعود لتسكنه من جديد
وتحمله هذه المرة ليتبعها وهي تحلق بجناحي ملاك ،
مدٌ آيوب ببصره صوب الشمال فسبقته احلامه الى هناك
تلوح له وتسأله بأن يتعكز على مابقي لك من أماني
مؤجلات ويقتفيها ، لم يعرف مايقول آيوب او يفعل
فتعكز امانيه وتوكل ، تقوده أحلامه لمشوار جديد
وأمل جديد وهي تحلق بجناحي ملاك ....